التخطيط البيداغوجي

التخطيط الديداكتيكي و البيداغوجي للوضعيات التعليمية التعلمية للاستاذ "مصطفى الخراز..استاذ علوم التربية".الحلقة 5
...............................................................................

مدخل عام لمقاربة المنهاج الدراسي:   

[size=59]- تحديد مفهوم المنهاج الدراسي:[/size]

[size=59]I. أسس المنهاج الدراسي:[/size]
      إن الانتقال من المعنى الضيق للمنهاج الدراسي إلى المعنى الشامل والواسع معناه الانتقال من منظور تقليدي كلاسيكي يجعل المنهاج يقتصر على بعد واحد هو المادة الدراسية إلى منظور حديث للمنهاج يتميز بتعدد أبعاده ومكوناته المرتبطة فيما بينها بشكل تفاعلي نسقي يضم كل مكونات العملية التعليمية التعلمية من أهداف ومحتويات وطرق ووسائل وتقويم ...
إن النظرة الجديدة تحتم الانتقال من المقاربة التحليلية الى المقاربة النسقية باعتبار المنهاج وسيلة تسعى إلى تطوير الفعل التعليمي التعلمي. فكيف يبنى المنهاج الدراسي إذن ؟
      تجمع النظريات التربوية أن المنهاج الدراسي بمعناه الحديث يحتاج في وضعه وبنائه الى ثلاثة مكونات أساسية منسجمة فيما بينها: 1- المادة 2- علم النفس التربوي 3- التربية.

[size=59]1- المادة :[/size]
ضرورة الحضور الديداكتيكي قصد تحديد بنياتها ومفاهيمها ونظرياتها أي كل ما يتعلق بالمادة وتدريسها.

[size=59]2- علم النفس التربوي:[/size]
كل منهاج دراسي يحتاج لأخصائيين في النفس التربوي، قصد تحديد درجة النمو العقلي وكل ماله علاقة بالجوانب النفسية والعاطفية والانفعالية للمتلقي (ة) الذي سنقدم له تلك المادة.
[size=59]3- التربية:[/size]
إذا كانت التربية فعلا غائيا و قصديا فإن المنهاج الدراسي في حاجة إلى مختص في مجال التربية قصد تسطير الأهداف وتحديدها والربط بين مستوياتها.
       يتضح مما سبق أن كل منهاج دراسي بالمعنى الحديث لا ينطلق من فراغ بل يستمد مصادره من أسس ومنطلقات تشكل في تفاعلاتها و نسقيتها المصدر الأساسي لانطلاق كل نشاط تربوي  فما هي هذه الأسس؟
[size=59]- الأساس الفلسفي:[/size]
      إذا كانت الفلسفة نظرة إلى العالم  والأشياء طارحة مجموعة من الأسئلة الكبرى، فإن التربية تطرح أسئلة كبرى أيضا، في مجال التربية والتعليم، فتعمل على خلق مناهج تختلف باختلاف المنطلقات والأسس الفلسفية، ويقدم لنا تاريخ التربية ثلاث اتجاهات أساسية. وهي:
[size=59]أ‌- الاتجاه السلطوي: الذي كرسته التربية التقليدية و البيداغوجيا الكلاسيكية وهو يحصر أهمية المنهاج الدراسي في تبليغ المعرفة ويمكن تسميته بمنهاج المواد المنفصلة.[/size]
[size=59]ب‌- الاتجاه الديمقراطي: الذي ينطلق من مسلمة مفادها أن كل شيء يتغير : الإنسان – القيم – المواقف والمجتمع ...[/size]
[size=59]ت‌- الاتجاه الفوضوي:[/size]
      من هنا وجب التفكير في ضرورة أن يتعلم الإنسان ويتربى من خلال مواجهة حقيقية مع مشاكل الحياة.ومن هنا الفكرة القائلة: المدرسة هي الحياة ولست إعدادا للحياة.
ملاحظة: 
انطلاقا من هذين النموذجين (تقليدي وحديث ) وعلى اختلافهما يشكلان مجموع التصورات والمعتقدات والمواقف التي يسير وفقها المنهاج الدراسي، من خلال إعطاء صورة عن المتعلم والمادة والعلاقة بينهما والمدرس.
إن الأساس الفلسفي للمنهاج الدراسي يشكل الإطار التوجيهي سواء عند بنائه أو تنفيذه، خاصة فيما يتعلق بـ: 
[size=59]- وضع و تحديد أهداف المنهاج الدراسي التي هي في نفس الوقت غايات المجتمع الكبرى.(في آخر مستوياتها)[/size]
[size=59]- اختيار المضامين (المقررات /المحتوى)التي تنسجم مع الأهداف المتوخاة من جهة ومع المجتمع من جهة أخرى لأنها يجب أن تعكس وتعبر عن نوعية وطبيعة المعرفة التي يقرها هذا المجتمع ويروم نشرها في الناشئين.[/size]
[size=59]- الأساس الاجتماعي والاقتصادي:[/size]
كل بناء للمنهاج بشكل علمي ودقيق يقتضي الأخذ بعين الاعتبار المعطيات السيكوتربوية لأنها تقربنا من سيكولوجيا الطفل وحقيقته باعتباره عنصرا محوريا في المنهاج الدراسي
إن سيكولوجيا التربية تنبهنا إلى انه:
[size=59]أ‌- ليست كل المعارف والمعلومات قابلة للتلقين ومناسبة لكل مراحل النمو.[/size]
[size=59]ب‌- ليست كل الطرق التعليمية صالحة لكل مرحلة. ولكل مادة.[/size]
ج- النضج كعامل أساسي لإمكانية التعلم إضافة إلى الرغبة و التركيز والقدرة على الاستيعاب و الاستعداد. 
بقي أن نشير إلى أن لنظريات التعلم أهمية قصوى في بناء المناهج ، ويمكن إرجاع الاختلاف بين المناهج الى تبني نظرية من نظريات التعلم.
على كل واضع للمنهاج أن يراعي من الناحية السيكوتربوية علم النضج، و الدافعية، الميولات، علم الممارسة، عامل الأسلوب المعرفي (أي مراعاة الفروق  الفردية في التعلم التي تضطرنا إلى تنويع الأنشطة والممارسات الديداكتيكية).
[size=59]- الأسس المعرفية العلمية:[/size]
ويقصد بالأساس المعرفي العلمي للمنهاج الدراسي ضرورة الاستفادة من التطورات الحاصلة في كل المجالات ومواكبتها حى تمكن المتعلم أن يعيش عصره وان يكون مواكبا للتطور الحاصل في المجال العلمي ذلك التطور الذي يمكن أن يفيد في تيسير وتسهيل مردودية التربية كتوظيف تكنولوجيا التربية مثلا.
[size=59]- الأساس الوظيفي المهني:[/size]
لا يمكن فهم المنهاج الدراسي من المنظور النسقي لا بتحديد مظهره البنائي ومظهره الوظيفي وعلاقته بالمحيط.
فعلى المستوى البنائي ، يتكون المنهاج من عناصر متفاعلة متداخلة فيما بينها.عناصر ومكونات يستحيل فصلها عن بعضها البعض أن النظر إليها بتناول كل عنصر على حدة.
    هذه عناصر منها الفاعلة كالمدرس والمدير و المؤطر والمخطط ومنها المكونة كالمادة والطرائق والوسائل والتقويم.
ويمكن حصر وظائف المنهاج الدراسي في التخطيط والتنظيم ثم عمليتي الإنجاز والتقويم.
إذا كانت مهمة المدرس هي تنفيذ وإنجاز المنهاج الدراسي، أي تنفيذ عناصر المنهاج المنظمة في وضعيات تربوية ملموسة داخل القسم فإنه يعتبر في نهاية المطاف المنفذ الأساسي لخطة المنهاج الدراسي، سواء عند تجريبها أو تعميمها مما يتطلب مواصفات و كفايات خاصة  (في المدرس ) من قبيل القدرة، الاستعداد، الميول لمهنة التدريس، التكوين، المراس، التمكن من المادة ، القدرة على التخطيط والتنظيم... وتحدد هذه المواصفات وتظهر ملامحها من خلال التعليمات الرسمية والمذكرات والقرارات التنظيمية ونوع البيداغوجيا المتبناة... فمن خلال المنظومة التربوية المغربية تتضح مكونات شخصية المدرس كما يلي:
[size=59]أ‌- مدرسا: يمتلك معارف نظرية علمية متطورة، أن يكون ذا وعي تربوي مبني على أساس علمي، محبا وراغبا في مهنته، متشبثا بقيمه الدينية والوطنية والحضارية.[/size]
[size=59]ب‌- منشطا : أن يمتلك القدرة والمعارف والمؤهلات الضرورية لخلق فرص تعليمية صحيحة وإنتاج المعارف وتنشيط دينامية الجماعة.[/size]
ج - مخططا وباحثا: أي مالكا للقدرة على التخطيط والتنظيم بفكر متفتح قادر على النقد الذاتي. آخذا المبادرة، مسؤولا وكفؤا ماهرا في انتقاء وتنظيم مكونات المنهاج الدراسي وتكييفها.
د- مقوما: أي قادرا على تقويم العملية التعليمية التعلمية بصفة خاصة والمنهاج الدراسي بصفة عامة وذلك بامتلاكه وتمكنه من الإجراءات المتعلقة بعملية التقويم.

اغلب الممارسين يظنون أن الكتاب المدرسي هو المنهاج الدراسي

فعلا أم عمر هذا مشكل عويص ...الكتاب المدرسي مجرد وسيلة لتنفيذ المنهاج الدراسي، كما انه موجه للتلميذ و ليس للمدرس...بدليل تعدد الكتب المدرسية ووحدة الامتحان الوطني في البكالوريا